القهوة هي واحدة من أكثر المشروبات شعبية واستهلاكًا على مستوى العالم. لها تاريخ طويل وغني يمتد عبر القارات والثقافات والقرون. لكن كيف يستمتع الناس بالقهوة في أنحاء العالم المختلفة؟ ما هي التقاليد والعادات والتفضيلات التي تشكل ثقافة القهوة لديهم؟ في هذا المنشور على المدونة، سنستكشف بعض أكثر ثقافات القهوة إثارة للاهتمام وتنوعًا حول العالم، وسنتعرف على كيفية تعكس هذه الثقافات الهوية المحلية ونمط الحياة والقيم في كل منطقة.

إيطاليا: مهد الإسبريسو

غالبًا ما تعتبر إيطاليا موطن ثقافة القهوة الحديثة، حيث تم اختراع الإسبريسو هناك في أواخر القرن التاسع عشر. الإسبريسو هو مشروب قوي ومركز يتم تحضيره عن طريق تبخير الماء الساخن عبر حبوب القهوة المطحونة بشكل ناعم وبضغط عالٍ. يُقدم الإسبريسو عادةً في أكواب صغيرة تُسمى ديميتاس، ويشربه الإيطاليون بسرعة وهم يقفون في مقهى القهوة. يستمتع الإيطاليون أيضًا بتناول أنواع أخرى من الإسبريسو، مثل الكابتشينو (الإسبريسو مع الحليب المبخّر والرغوة)، والماكياتو (الإسبريسو مع قليل من الحليب)، واللاتيه (الإسبريسو مع كمية أكبر من الحليب). القهوة في إيطاليا أكثر من مجرد مشروب؛ إنها طقوس ومناسبة اجتماعية ونمط حياة. لدى الإيطاليين قواعد صارمة حول متى وكيفية شرب القهوة، مثل عدم طلب الكابتشينو بعد الساعة 11 صباحًا، وعدم إضافة السكر إلى الإسبريسو، وعدم شرب القهوة مع الوجبات.

سياتل: مهد ستاربكس

تعتبر مدينة سياتل أيضًا إحدى المدن التي لها تأثير كبير على ثقافة القهوة العالمية، حيث تعتبر مهد ستاربكس، أكبر سلسلة مقاهي قهوة في العالم. تمتاز سياتل بتاريخ طويل في تحميص القهوة وتحضيرها يعود إلى أوائل القرن العشرين عندما جلب المهاجرون من إسكندنافيا تقاليدهم المتعلقة بالقهوة إلى المدينة. تتميز ثقافة القهوة في سياتل بالابتكار والتجريب والجودة. إن سكان سياتل يعشقون القهوة ويقدرون تفاصيلها ونكهاتها. يفضلون القهوة المصفاة عن الإسبريسو، وغالبًا ما يضيفون نكهات مثل الفانيليا أو الكراميل أو البندق إلى مشروباتهم. كما يستمتعون بتناول مشروبات القهوة المتخصصة مثل القهوة المثلجة والقهوة بالنيتروجين وقهوة البوليت بروف (حرفياً: القهوة المضادة للرصاص وهي قهوة دهنية). تعتبر المقاهي في سياتل ليست مجرد أماكن للحصول على جرعة الكافيين فحسب، بل هي مراكز للإبداع والمجتمع والثقافة.

تركيا: مهد القهوة التركية

تعتبر تركيا إحدى أقدم دول إنتاج القهوة في العالم، ولديها ثقافة قهوة فريدة ومميزة تعود إلى القرن السادس عشر. تحضّر القهوة التركية من مسحوق القهوة الناعم جدًا الذي يتم غليه مع الماء والسكر في إناء صغير يسمى جزوة. ويكون المشروب الناتج كثيفاً وقويًا وعطريًا، ويُقدم في أكواب صغيرة تُسمى “فنجان”. يتم تقديم القهوة التركية عادةً مع كوب من الماء وقطعة من اللوكوم التركي أو البقلاوة. القهوة التركية ليست مجرد مشروب، بل هي أيضًا شكل من أشكال الفن وفن قراءة الطالع. يُستخدم ترسب القهوة المتبقي في قاع الفنجان لقراءة المستقبل من خلال تفسير أشكاله ونقوشه.

إثيوبيا: مهد القهوة

تعتبر إثيوبيا بشكل واسع موطن أصل القهوة، حيث تم اكتشاف أول نباتات القهوة وزراعتها هنا. تتميز إثيوبيا بثقافة قهوة غنية ومتنوعة تعكس مجموعاتها العرقية المختلفة والمناطق المتنوعة. تسمى القهوة في إثيوبيا “بونا”، ويتم تحضيرها بطريقة احتفالية تتضمن تحميص البن وطحنه وتحضيره وتقديمه في ثلاث جولات. تسمى الجولة الأولى “أبول”، والجولة الثانية “تونا”، والجولة الثالثة “باريكا”.
تعتبر مراسم تحضير القهوة مناسبة اجتماعية مهمة تجمع الناس لمشاركة القصص والأخبار والضيافة. تقدم القهوة في إثيوبيا عادةً سوداء أو مع سكر، لكن في بعض الأحيان مع ملح أو زبدة.

هذه مجرد بعض الأمثلة على تنوع ثقافة القهوة حول العالم. هناك العديد من البلدان والمناطق الأخرى التي لديها طرق فريدة خاصة بها للاستمتاع بالقهوة، مثل فيتنام التي تشتهر بقهوتها المثلجة بالحليب المكثف، وفرنسا التي تشتهر بقهوة الكافيه أو ليه المقدمة مع الكرواسان، أو اليابان التي تشتهر بقهوتها المعلبة المباعة في ماكينات البيع. تعتبر ثقافة القهوة موضوعًا رائعًا يكشف الكثير عن التاريخ والجغرافيا وثقافة كل مكان. لذا في المرة القادمة عندما تسافر إلى وجهة جديدة، لمَ لا تجرب قهوتهم المحلية وتتعرف على المزيد عن ثقافة القهوة الخاصة بهم؟