ثقافة القهوة في الأردن: رمز للإحترام والضيافة
إذا قمت بزيارة الأردن يومًا ما، ستكتشف سريعًا أن القهوة أكثر من مجرد مشروب؛ إنها طقوس ثقافية تعكس الاحترام والضيافة والثقة والترابط الاجتماعي. سواء تمت دعوتك إلى خيمة بدوية أو منزل عائلي أو اجتماع عمل، من المرجح أن يتم تقديم فنجان قهوة عربية لك كعلامة ترحيب وتكريم.
تعرف القهوة العربية أيضًا باسم القهوة السادة أو القهوة العربية، وهي مصنوعة من حبوب البن المحمصة بشكل خفيف والمطحونة بشكل ناعم مع حبوب الهيل ومغلية في إناء خاص يسمى الدلة. عادة ما تُقدّم القهوة بدون سكر، ولكن مع التمور أو الفواكه المحلية على الجانب لتحلية المذاق. يتم صب القهوة في أكواب صغيرة تسمى الفنجان، والتي يتم ملؤها فقط إلى النصف تقريبًا للسماح للشارب بالاستمتاع بالعطر والنكهة.
هناك آداب وبروتوكول كامل مرتبط بتقديم وشرب القهوة العربية في الأردن. عادةً ما يقوم المضيف بتقديم القهوة بنفسه أو بنفسها، بدءًا من الضيف الأكبر سنًا أو الأكثر أهمية ممن يجلس على يمينه أو يمينها. يقوم المضيف أولاً بسكب كوب لنفسه أو نفسها للتحقق من درجة حرارة القهوة وجودتها، ثم يملأ كوبًا آخر للضيف الأول. سيستمر المضيف في تقديم القهوة لكل ضيف على التوالي حتى يتلقى الجميع كوبهم.
يجب على الضيوف قبول القهوة بيدهم اليمنى وشربها ببطء أثناء إجراء محادثة مع المضيف والضيوف الآخرين. يعتبر رفض القهوة أو شربها بسرعة غير مهذب. يجب على الضيوف أيضًا أن يكونوا حذرين من عدم طلب أكثر من ثلاثة أكواب من القهوة، حيث يمكن أن يعني ذلك أن لديهم طلبًا للمضيف أو نزاعًا لحله معه. للإشارة إلى أنهم تناولوا ما يكفي من القهوة، يجب على الضيوف هز الأكواب بهدوء من الجانب إلى الجانب الآخر قبل إعادتها إلى المضيف.
في بعض الأحيان، قد يكون للضيف غرض معين لزيارة منزل شخص آخر بجانب التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، إذا أراد رجل طلب يد ابنة رجل آخر لابنه في الزواج، سيضع فنجان القهوة أمامه دون شربه حتى يحصل على إذن من المضيف للتحدث عن ما يدور في ذهنه. ثم سيعلن عن نيته بوضوح واحترام، مذكرًا باسم ابنه واسم الابنة. إذا وافق المضيف على الاقتراح، سيقول “مبروك” ويدعو الضيف لشرب قهوته. إذا احتاج المضيف مزيدًا من الوقت للتفكير في الأمر أو التشاور مع عائلته، فسيطلب ثلاثة أيام. أما إذا رفض الاقتراح بشكل صريح، فسيُرسل شخصاً لاحقًا بإجابته.
ثقافة القهوة في الأردن ليست مقتصرة على القهوة العربية التقليدية فقط؛ بل هناك العديد من المقاهي الحديثة التي تقدم مشروبات الإسبريسو الغربية مثل الكابتشينو واللاتيه والموكا. تخدم هذه المقاهي بشكل رئيسي الشباب الذين يستمتعون بقضاء ساعات طويلة في الدردشة مع الأصدقاء وهم يتناولون مشروباتهم المفضلة. ومع ذلك، تمنع بعض المقاهي أيضًا التدخين باستخدام الشيشة (المعروفة بالأرجيلة أو النارجيلة) داخل مبانيها حيث يرغبون في تعزيز نمط حياة صحي والتركيز على الجودة بدلاً من الكمية.
سواء كنت تفضل القهوة العربية أو القهوة الغربية، ستجد الكثير من الخيارات في الأردن التي تتناسب مع ذوقك وميزانيتك. إن ثقافة القهوة في الأردن متنوعة وديناميكية؛ فهي تعكس التقاليد القديمة والاتجاهات المعاصرة؛ إنها تربط الناس عبر الأجيال والخلفيات المختلفة؛ إنها تعبر عن الاحترام والضيافة؛ إنها تثري الحياة بالنكهة والعطر.
إذا كنت ترغب في تجربة ثقافة القهوة في الأردن على أكمل وجه، يجب عليك حضور مراسم تقديم القهوة التقليدية. هذه مناسبة خاصة تتضمن تحميص وطحن وتحضير القهوة أمام الضيوف باستخدام مدق وهاون خشبي، وطاحونة نحاسية ودلة. عادةً ما يضيف المضيف بعض البخور أو زيت العود إلى نار الفحم ليخلق رائحة زكية في الهواء. سيجلس الضيوف حول المضيف، يشاهدون ويدردشون، بينما يتمتعون بالقهوة الطازجة والعطرة. إنها تجربة فريدة ولا تُنسى يجب ألا تفوتها إذا كانت لديك الفرصة.